حدثان بارزان تشهدهما الرباط من 27 شتنبر الى 5 أكتوبر 2013 ، يتعلق الأمر بتنظيم الدورة 19 للمهرجان الدولي لسينما المؤلف ، من جهة ، وباحتضان عاصمة المملكة لمؤتمر قمة دولي للمسيرين المحليين والجهويين وعلى رأسهم عمداء مدن العالم . واذا كان المهرجان الدولي سيشكل فضاء لمشاهدة نماذج مختلفة ومتنوعة من الأفلام العالمية ، ومناسبة لتكريم شخصيات وتجارب سينمائية رائدة ( السينما الصينية ، أفلام طاركوفسكي ، سينما ناصر لخمير ... ) مع احداث سوق دولية لترويج المنتوجات السينمائية والسمعية البصرية واقامة ندوات وموائد مستديرة حول مواضيع لها علاقة بالسينما وثقافتها وغير ذلك من الأنشطة ، فان مؤتمر القمة الدولي سيتدارس مواضيع حساسة ومستعجلة تتعلق بالحياة اليومية للمواطن داخل المدن وبمستقبل المدينة باعتبارها مهدا للديموقراطية والتنمية المحلية . ولعل القاسم المشترك بين هذين الحدثين هو المدينة . فهذه الأخيرة هي التي شهدت ميلاد السينما ومختلف مراحل تطورها واشعاعها ومكنت صانعي الأفلام من فضاءات الانتاج والترويج واختضنت معاهد التكوين ومختلف المهرجانات والتظاهرات السينمائية وغير ذلك . والسينما هي التي وثقت بصورها وأصواتها المعالم العمرانية للمدن وفضاءاتها المختلفة وكانت شاهدة على أحداثها السياسية والاجتماعية والثقافية الكبرى ، بل أكثر من ذلك ساهمت الكثير من الأفلام في التعريف بالمدن التي صورت بها وبجمالها وساكنتها وعاداتها وتقاليدها ، وكان لها تأثير ايجابي على عدد زوارها من السياح . ويذكرنا تاريخ السينما بمبدعين سينمائيين كبار كان لهم ولأفلامهم ارتباط جد وثيق بمدنهم نذكر منهم على سبيل المثال سكورسيزي ونيويورك وفلليني وروما وصلاح أبو سيف والقاهرة ويوسف شاهين والاسكندرية ومحمد الركاب والدار البيضاء ...
اذن علاقة السينما بالمدينة علاقة جدلية ، فالمدينة تعطي للسينما الحياة والسينما تمكن المدينة من رؤية نفسها في المرآة وتعطيها كل الاحتمالات الممكنة للاصلاح والتحديث والتغيير .
ان اختيار موضوع " السينما والمدينة " ، من طرف ادارة المهرجان ، للمناقشة ضمن الأنشطة الثقافية الموازية للعروض السينمائية هو مساهمة من مهرجان الرباط لطرح القضايا الراهنة والمستعجلة للمدن المعاصرة من زوايا فنية وجمالية وفكرية تجعل تيمة المدينة تسكن الوجدان والعواطف والقيم للتحفيز على خلق مواطن مديني قادر على محاربة التصحر الروحي والترييف والبدونة المادية .